وراء كل نجاح .. تعب لا يُرى

في زمن أصبحت فيه مظاهر النجاح تلفت الأنظار، نغفل كثيرًا عن أن خلف كل ناجح قصة خفية مليئة بالتعب والتفاصيل التي لا تُروى. قد ترى إنسانًا ناجحًا، يبتسم في المجالس، يتألق في عمله، ويكسب إعجاب الناس، لكن لا ترى ما خلف الكواليس: صراع داخلي، مشكلات صحية، ضغوط نفسية، وسهر الليالي الطويلة.

الناس غالبًا ما يصفقون للنتيجة، لكن لا أحد يسأل عن الثمن. عن كم مرة سقط فيها ذلك الناجح قبل أن يقف، كم مرة انكسر قلبه، أو خذله القريب، أو ظُلم في طريقه، لكنه اختار أن لا يتوقف، أن يكمل، أن ينهض من جديد. كثير من قصص النجاح ليست سوى حكايات صبر طويل ومقاومة صامتة.

تشير دراسة نُشرت في Harvard Business Review إلى أن 58% من الناجحين مهنيًا يعانون من القلق والتوتر المزمن، رغم أن مظاهرهم توحي بالقوة والاتزان. وهذا يعكس حقيقة لا يدركها كثيرون: أن النجاح لا يعني الراحة، بل كثيرًا ما يكون مصحوبًا بالتحديات.

سليمان الراجحي، أحد أشهر رجال الأعمال السعوديين، بدأ حياته حمالًا في السوق، يبيع الكراتين والثلج، وينام على الأرض. لم تكن ظروفه سهلة، لكنه بجهده وأمانته تحوّل من شاب فقير لا يملك شيئًا، إلى مؤسس أكبر مصرف إسلامي في العالم. وفي ختام مسيرته، وهب معظم ثروته للأوقاف والخير. قصة تختصر درب الكفاح، وتُثبت أن النجاح لا يُولد من الرفاه، بل من الصبر والثبات والعمل الجاد.

حين ترى ناجحًا، لا تحسده، ولا تقل: “محظوظ”، بل قل: “اللهم زد وبارك، ووفقنا لما وفقته إليه”. فكل ناجح هو إنسان مكافح، اختار أن لا يستسلم، ودفع الثمن من صحته وراحته ووقته ليصل. الدعاء لا الحسد، هو ما يستحقه كل ناجح.

قال رسول الله ﷺ: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله – فاشكروا كل من تعب، وادعوا لمن اجتهد، وكونوا ممن يبعث الطاقة والأمل في قلوب المكافحين، فخلف كل ابتسامة نجاح… وجع، وسهر، وسجدة في جوف الليل لا يراها أحد.


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى