النوستالجيا السعودية : حنين لحارةٍ لم نعشها

في قلب المدن السعودية الحديثة، يزداد الحنين إلى “الحارة القديمة”؛ بأزقتها الضيقة، وروائح الخبز، وصوت الجيران وهم يحيّون بعضهم من النوافذ.

الغريب أن كثيرًا ممن يعبّرون عن هذا الشوق، لم يعيشوا تلك الحارات أصلًا، بل عرفوها عبر ذكريات الأهل، أو الدراما الرمضانية، أو صور أرشيفية تُتداول في وسائل التواصل.

هذه الظاهرة تُعرف بـالنوستالجيا الموروثة ؛ حنين إلى ماضٍ متخيل، لا لأنه كان أفضل بالضرورة، بل لأنه أكثر دفئًا وبساطة من الحاضر الذي تسارعت فيه وتيرة الحياة، وتراجعت فيه العلاقات الإنسانية.

في مدن كبرى كـالرياض وجدة والدمام، غيّرت التوسعات العمرانية نمط الحياة، فحلّت الخصوصية محل الجيرة، والانشغال محل اللقاء، والتقنيات محل التواصل المباشر.

ومن هنا، أصبح الحنين وسيلة لتفسير الفجوة العاطفية التي يشعر بها الناس، خصوصًا في الأحياء الجديدة التي تُشبه بعضها، لكنها لا تُشبه سكانها.

الحنين إذًا ليس دعوة للعودة إلى الوراء، بل رسالة خفية : ” نريد مدنًا لا تطردنا من إنسانيتنا، ولا تقتل الشعور بالانتماء ” فأنسنة الأحياء الحديثة لم تعد ترفًا، بل ضرورة نفسية واجتماعية.


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى