التعليم .. زيارة المدارس من العشوائية إلى الانضباط

في خطوة تعكس توجّه وزارة التعليم نحو تعزيز جودة التواصل بين المدرسة والأسرة، فعّلت الوزارة مؤخرًا خدمة حجز مواعيد زيارة أولياء الأمور عبر منصة “مدرستي”. هذا القرار لم يأتِ بوصفه إجراءً إداريًا عابرًا، بل يمثل نقلة نوعية في إدارة العلاقة بين البيت والمدرسة، ويعيد صياغة مفهوم الزيارة المدرسية بروح أكثر تنظيمًا واحترافية.

فعلى مدى سنوات طويلة، كانت زيارة ولي الأمر تتم في أي وقت ودون تنسيق مسبق، مما يؤدي إلى ازدحام قد يربك سير العملية التعليمية، ويتسبب في ضغط على المعلمين والإداريين الذين يحتاجون إلى وقت مناسب لمناقشة حالة الطالب. أما اليوم، ومع خدمة الحجز الإلكتروني، باتت الزيارة حدثًا منظمًا له موعد محدد وهدف واضح، وهو ما يعكس فهمًا متقدمًا لحقوق الطالب وولي الأمر والمدرسة في بيئة تعليمية أكثر استقرارًا.

ولا يقف أثر هذا الإجراء عند الجانب الإداري فقط، بل يمتد ليشمل البعد الأمني والصحي، إذ يسهم في منع التجمعات العشوائية داخل المدارس ويتيح إدارة أكثر دقة لحركة الزوار. ومن الناحية التربوية، يمنح تحديد الموعد للمعلمَ أو المرشد الطلابي فرصة للاستعداد الكامل لمناقشة مستوى الطالب وسلوكه واحتياجاته التعليمية، ليكون اللقاء أكثر تركيزًا وفعالية. وهكذا تتحول الزيارة من مجرد مرور عابر إلى جلسة حوار حقيقية تصب في مصلحة الطالب.

إن هذا التنظيم الجديد يؤكد أن التعليم لم يعد مجرد تلقين داخل الفصول، بل منظومة متكاملة تشارك فيها الأسرة بوعي ومسؤولية.

فتنظيم الزيارات لا يقل أهمية عن تنظيم الحصص الدراسية، لأن التواصل بين المدرسة والأسرة أحد أهم مؤشرات نجاح العملية التعليمية. ومن خلال هذه الخطوة، يتضح أن العلاقة بين ولي الأمر والمدرسة يجب أن تقوم على شراكة قائمة على التخطيط، لا على الارتجال أو المصادفة.

من جانب آخر أبدى عدد من أولياء الأمور تحفظهم على القرار، معتبرين أن حجز المواعيد مسبقًا يقيد مرونتهم ويحد من التواصل العفوي مع المدرسة، خاصة في الحالات الطارئة. ورغم ذلك، يرى بعضهم أن النظام قد يسهم في تنظيم اللقاءات وتحسين جودة الحوار، إذا أُتيح تنفيذه مع بعض المرونة والدعم للأسر غير المتمكنة من التقنية .

وفي الختام، يمكن القول إن تفعيل خدمة حجز المواعيد عبر “مدرستي” ليس مجرد تحديث رقمي، بل خطوة استراتيجية تعكس توجه التعليم السعودي نحو مستقبل أكثر تنظيمًا وجودة.

فالزيارة المنظمة تحفظ الوقت، وتعزز الأمن، وتثري العملية التربوية، وتضع الطالب في مقدمة الاهتمام، وهو الهدف الذي تسعى إليه كل الإصلاحات التعليمية في المملكة.


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى