الصحف الإلكترونية في اختبار البقاء وضيق الموارد

تواجه الصحف الإلكترونية في المملكة اليوم معركة حقيقية للبقاء، حيث تتصارع مع ضغوط مالية وتشغيلية ومهنية غير مسبوقة، وسط سوق إعلاني يهيمن عليه المشاهير والمنصات الكبرى، تاركًا المنصات الأصغر تكافح للحفاظ على وجودها. بعد اندثار الصحف الورقية واختفائها من المشهد اليومي، حلت بديلها الصحف الإلكترونية المرتبطة ببعض مناطق المملكة، لتنقل لنا ثقافات متعددة لتلك المناطق، وتشكل نافذة رائعة للجمهور لمتابعة أخبار بعض المناطق وأخبار المملكة، ليس فقط داخل المملكة، بل من جميع أنحاء العالم. كثير من هذه الصحف يقف على حافة الانهيار، وبعضها توقف بصمت دون أن يلتفت إليه أحد.

في ظل هذه التحديات، تجد الصحف نفسها مضطرة للجوء إلى إعلانات “جوجل” كمصدر أخير للدخل، رغم أن هذه الإعلانات، التي تُبث عبر صفحات الصحيفة، قد تحتوي على محتوى غير متحكم فيه يهدد هويتها المهنية ويضع مصداقيتها أمام جمهورها على المحك. إنها معادلة صعبة: الاستمرار مقابل التضحية بالهوية والمصداقية.

ومع مرور السنوات، بدأت الآثار تتضح؛ مواقع توقفت عن التحديث، وأخرى أغلقت موقعها الإلكتروني نهائيًا، وثالثة تعمل بمستوى لا يشبه بداياتها ولا طموحات مؤسسيها. كل صحيفة تغادر الساحة تترك فراغًا إعلاميًا ملموسًا، ضائعًا من مناطق المملكة التي كانت تجد فيها صوتها الخاص.

وفي مواجهة هذا الواقع، يبرز دور وزارة الإعلام كضرورة وطنية لإنقاذ هذه المنصات وضمان استقرارها، وتأمين فرص عادلة في السوق الإعلاني، ومنحها دعمًا شاملًا لتطوير مواقعها الرقمية، وتعزيز قدرتها على المنافسة، وضمان حمايتها المهنية والاجتماعية، مع الحفاظ على بيئة خالية من الإعلانات غير المناسبة. فاستمرار الصحف الإلكترونية ليس رفاهية، بل هو صون لصوت المواطن وحفظ لصورة الوطن، والحفاظ على واجهة إعلامية قوية وفعّالة تنقل الأخبار بصدق ومهنية.

ختامًا: إن بقاء هذه الصحف اليوم مسؤولية، ودعمها ضرورة، ودور وزارة الإعلام حاسم. فإما أن تُمنح فرصة عادلة لإعادة قوتها ودورها، أو يزداد الفراغ كلما انطفأت صحيفة وغاب صوت كان ينبغي أن يبقى حاضرًا.


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى