حرٌّ في قراراتك .. مُقيدٌ بأثرك!

المقدمة : بين الوهم والواقع

“أنا حرّ في نفسي”… عبارة تتكرر على ألسنة كثيرين اليوم، يُقال بها عند كل سلوك خارج عن إطار الدين أو القيم أو التقاليد، فإذا نُصِح أحدهم، ردّ قائلاً: “هذا قراري الشخصي، وأنا أتحمّل النتيجة”.

لكن الحقيقة التي يتغافل عنها الكثيرون :
أن النتائج لا تتوقف عنده!
فأثره يتعدّاه إلى إخوته، أبنائه، زملائه، وحتى المجتمع.
هو حرّ في “القرار”،
لكنه مُقيّد في الأثر الذي يتركه دون أن يشعر!

أولًا: القدوة في الإسلام… تكليف لا ترف

الرسول ﷺ، وهو المعصوم، قال الله عنه :

> {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] فإذا كان النبي ﷺ قدوة، فكل مسلم بعده على قدر من المسؤولية تجاه من يقتدي به.

وقال ﷺ: > “كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته…” رواه البخاري ومسلم

فحتى الأخت الكبرى، أو الأخ الأكبر، أو الزوجة، أو المعلمة، كلهم رعاة في محيطهم، وقدوات تؤثر فيمن حولهم.

ثانيًا: حين تُسقِط “الدين” باسم الحرية

في مجتمعاتنا، رأينا الكثير من العبارات مثل :

“النمص حرية شخصية”

“لباسي لا يعني أخلاقي”

“أمي لا تفهمني… أنا أعيش بطريقتي”

لكن الحقيقة أن هذه التصرفات ليست معزولة، بل تصنع سلوكًا عامًا متوارثًا.

فتقليدك يُشعل نار التقليد في غيرك، وقد يؤدي إلى :

– تساهل الأخت الصغرى في حدود الله

– تشوش أخيك الصغير بين ما يراه وما يُعلَّم

– تمرد الابن على والديه إذا خالفوا قدوته

ثالثًا: الآثار السلبية على الأسرة

تصدّع السلطة التربوية : حين يرى الابن أن أخته تفعل ما تشاء، يبدأ في التمرّد هو الآخر.

تفكك القيم الأسرية: يصبح النقاش: “ليش أنا لا وهي تسوي؟” بدلًا من: “ما يرضي الله؟”

تضارب المرجعيات:
تُربّى الطفلة على الحجاب، ثم ترى قريبتها المؤثرة بلا حجاب، فتتشتت.

رابعًا: الآثار المجتمعية للقدوة السلبية

انتشار النماذج الخاطئة : المجتمع يختار قدواته ممن يراهم، لا ممن يُلقون المواعظ.

تطبيع المعصية والسلوك المنحرف: عندما يُمارس الخطأ علنًا، يصبح مقبولًا اجتماعيًا بالتدريج.

تحوُّل الخطأ إلى “موضة” أو “ترند”: فتتكرر السلوكيات من باب المواكبة لا من باب القناعة.

خامسًا: أرقام تتحدث عن الأزمة

بحسب دراسة لمركز “رؤية” للدراسات الاجتماعية (2023):
🔹 67% من المراهقين أقرّوا بتقليد أحد أفراد العائلة في سلوك مخالف للدين.
🔹 42% من الانحرافات السلوكية الخفيفة في الفتيات سببها “الاقتداء الخاطئ” بقدوة داخلية.
🔹 84% من الأولاد الصغار يعتبرون الأخ أو الأخت الكبرى “المثال الأول” لهم في التصرفات.

خاتمة

أنت قدوة … سواء رضيت أم لم ترضَ

كل خطوة تخطوها، كل صورة تنشرها، كل قرار تعلنه…
هو رسالة غير مباشرة يتلقفها من هم أضعف وعيًا، وأقل تجربة.

فلا تخدع نفسك بالقول: “أنا حر”.

بل قُل : “سأُحسن الاختيار… لأن أثري لا يتوقف عندي.”

فأنت اليوم حرٌّ في قرارك، لكنك محاسَب عن أثرك.


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى