هل نملك هواتفنا .. أم هي من تملكنا ؟

في زمنٍ تحوّلت فيه التقنية من وسيلة إلى رفيق دائم، أصبحت الهواتف الذكية جزءًا لا ينفصل عن تفاصيل حياتنا اليومية. تسللت وسائل التواصل الاجتماعي إلى يومياتنا حتى غدت أكثر من مجرد منصات تواصل، بل أسلوب حياة يتحكم بإيقاع يومنا ومزاجنا. لا تكاد تمر ساعة دون أن يهرع كثيرون لتفقد تطبيقاتها وإشعاراتها، وكأن خيطًا خفيًا يشدّهم إليها دون هوادة .

أن إدمان وسائل التواصل الاجتماعي لا يقتصر على الاستخدام المتكرر فقط، بل هو اضطراب نفسي يتجلى في الحاجة المستمرة للتفاعل، والرغبة الملحة في التحقق المتكرر، والشعور بالقلق عند الانقطاع عنها. تظهر أعراضه في انشغال العقل الدائم، وتشتت الانتباه، واضطراب النوم، وضعف العلاقات الحقيقية، بالإضافة إلى الشعور بالنقص الناتج عن المقارنات المستمرة مع ما يُعرض على هذه المنصات.

هذا التعلق لا ينشأ من فراغ، بل تغذيه مشاعر الوحدة، والحاجة إلى القبول، والخوف من العزلة أو تفويت ما يدور في العالم من حولنا. وقد صُمِّمت هذه المنصات بذكاء لتُبقي المستخدم في حالة ترقّب دائم، حيث يتحول كل إعجاب أو إشعار إلى جرعة تعلق جديدة.

النتيجة تكون علاقات متوترة، انخفاض في الإنتاجية، توتر وقلق مستمر، وعزلة اجتماعية رغم التواجد الدائم على الإنترنت.

هنا تكمن الحاجة الملحة للتوقف أو على الأقل تحقيق توازن مدروس ، فالأمر لا يتطلب الانفصال الكامل، بل السيطرة الواعية، ووضع حدود واضحة، واسترجاع الوقت والتركيز والاهتمام الحقيقي.

وفي المقابل، لا يمكن إنكار أن لوسائل التواصل الاجتماعي جوانب إيجابية عديدة إذا ما استُخدمت بوعي واعتدال فهي تسهّل عملية التواصل، وتقرّب المسافات بين البشر ، وتوفر فرصًا للتعلم والتسويق والتعبير عن الذات.

كما تمثل بيئة خصبة لاكتشاف المهارات ونشر الوعي وبناء مجتمعات معرفية وثقافية فاعلة ، لكن الفارق الجوهري يكمن في الطريقة التي نستخدم بها هذه الأدوات، وفي قدرتنا على أن نبقى مستخدمين لها، لا أسرى لديها.

ختامًا: لم يعد التوازن ترفًا في عالمنا الحاضر ، بل أصبح ضرورة لا غنى عنها في ظل التداخل العميق للتقنية ووسائل التواصل الاجتماعي في أدق تفاصيل حياتنا اليومية. فالحفاظ على الاتزان بات أساسًا لحياةٍ صحية، لتُقدّر الذات و لتُحسن إدارة الوقت والعلاقات.


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى