وخير جليس في الزمان قوقل

يبدوا أن مقولة المتنبي الشهيرة ( وخير جليس في الزمان كتاب ) تبدلت بعد أن تربعت على عرش الحكمة لقرون طويلة  حيث لم يعد الكتاب ذلك الصاحب والصديق الذي نلجأ له وقت الضيق والحاجه باحثين عن تسليه أو معلومة مفيدة لأن محرك البحث ( قوقل ) في هذا الزمان يعطيك المطلوب ويوفر عليك عناء البحث والمشقة وأنت جالس في مكانك لا تتحرك، مجرد ضغطة زر وتأتيك المعلومات من كل مكان في العالم حسبما تطلب في كافة المجالات والفنون والعلوم، وإذا كانت مقولة المتنبي تعني كتاب واحد فإن قوقل يحضر بين يديك مئات بل آلاف الكتب تختار منها ما تريد، ولو أردت ان تستخدم مصباحاً سحرياً لما حقق لك ربع ما يحققه صديقنا قوقل.

مع وجود هذا المحرك العجيب لا يمكن أن تشعر بالوقت أو الملل بل لا يمكن أن تستصعب عليك معلومة في كافة الفنون وعندما تسأل تجد الجواب الشافي الكافي من أكثر من مصدر لكي يطمأن قلبك، وأقولها بكل صراحة أن الثقافة والقراءة في هذا الزمان متاحة سهله لمن يهوى القراءة والاطلاع لأن بين أيدينا جميع ما نحتاج من كتب ومراجع ولا عذر لنا أمام الأجيال اللاحقة في قلة الابداع الثقافي والأدبي والعلمي لان جميع المصادر متاحة ولا تحتاج – كما في السابق – سفر وجهد وعناء ومشقة، وبرغم ذلك نجد أن الأجيال السابقة ( قبل قوقل ) لديها حضور ثقافي وعلمي أكبر بكثير من أجيالنا الحالية لدرجة أننا ما زلنا نتداول تلك المصنفات وكأن الزمن العلمي والأدبي توقف عندهم.

بالتأكيد أن قوقل وفر المعلومة بسهوله ولكن في المقابل سرق الوقت وأطفأ الشغف بالبحث كما فتح مجالات أخرى شتت الذهن بعيداً عن القراءة الحرة والاطلاع خلاف أن الصورة والفيديو ساهمت في ابتعاد الكثير عن مصادر القراءة التقليدية.

اعتقد أن هذا الزمان يعتبر زمان محرك البحث قوقل مع اعتذارنا للمتنبي في مقولته الشهيرة ( وخير جليس في الزمان كتاب ) لأنها انتهت بالضربة القاضية.

عندما تجلس وحيداً يسامرك قوقل وينقلك إلى مكتبات العالم وإخبارها وحوادثها وتراثها وطبيعتها بالصوت والصورة لتصبح على دراية واطلاع، يكفي ان تجلس في مطعم أو قهوة او حديقة وغيرها لتشاهد الكل وحيداً يسامر قوقل ويحركه ليعطيه ما يريد ويرغب ليصبح فعلاً من تنطبق عليه هذه المقولة ( وخير جليس في الزمان قوقل ).


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى