سدر القنفذة .. شجرة الأرض والذاكرة

يعد سدر القنفذة واحدا من أبرز المكونات الطبيعية التي ارتبطت بالبيئة التهامية، حيث تنتشر أشجاره في الأودية والسهول المحيطة بالمحافظة، مشكلة حضورا بيئيا واقتصاديا واجتماعيا متجذرا في حياة الأهالي منذ عقود طويلة.

تكيفه مع المناخ الحار وقلة الأمطار

وتتميز شجرة السدر بقدرتها العالية على التكيف مع المناخ الحار وقلة الأمطار، ما جعلها من أكثر الأشجار صمودا في تهامة. ويستفيد السكان المحليون من ثمارها المعروفة بالنبق، الذي يستخدم غذاء للإنسان وللحيوان، إضافة إلى ظلها الوارف، كما يدخل لحاء السدر ضمن الاستخدامات الشعبية، إذ يستفاد منه في صناعة طيب الشعر( القشفة) وهي من الوصفات التقليدية المتوارثة للعناية بالشعر وتنظيفه وتقويته.

صابون طبيعي لتنظيف الجسم والشعر 

كما تستخدم أوراق شجرة السدر بوصفها صابونا طبيعيا في تنظيف الشعر والجسم، إضافة إلى استعمالها في بعض الوصفات الشعبية كصفة لتنظيف البطن، ضمن الممارسات العلاجية التقليدية لدى أهالي المنطقة.

عسل سدر القنفذة 

ويحظى عسل سدر القنفذة بسمعة واسعة، إذ يعد من أجود أنواع العسل في المملكة، لما يتميز به من طعم غني وقيمة غذائية عالية، ويعتمد النحل في تحوله الغذائي خلال مواسم الإزهار على أزهار السدر، التي تعد من أغنى غذاء النحل الطبيعية، وتسهم بشكل مباشر في إنتاج أجود أنواع العسل. ويشكل هذا المنتج مصدرا مهما للدخل الموسمي للعديد من مربي النحل في المحافظة والقرى المجاورة.

العامري : ازهار السدر تنعكس على نقاء العسل 

وفي هذا السياق، يقول أحمد العامري وهو أحد مربي النحل في القنفذة، إن شجرة السدر تمثل العمود الفقري لمواسم العسل في المنطقة، مؤكدا أن ازهار السدر الغزيرة وجودتها العالية تنعكسان مباشرة على نقاء العسل وقيمته في السوق  وكلما حفظت هذه الأشجار زادت فرص الاستدامة لمهنة توارثناها جيلا بعد جيل.

الحربي : حماية السدر مسؤولية مشتركة 

من جانبه، يشير على الحربي، المهتم بالبيئة والتراث المحلي، إلى أن السدر لا يقتصر دوره على الجانب الاقتصادي فقط  مبينا أن السدر جزء من هوية المكان وذاكرة الإنسان التهامي، وحمايته مسؤولية مشتركة تتطلب وعيا مجتمعيا وتشريعات تحد من الاحتطاب الجائر والتعديات البيئية.

ويبقى سدر القنفذة أكثر من مجرد شجرة، فهو مورد طبيعي متعدد الاستخدامات، ورمز بيئي وتراثي يعكس علاقة الإنسان بالأرض في تهامة، وكنز يستوجب الحماية والحفاظ عليه لضمان استدامته للأجيال القادمة.


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى