سلامٌ يُرى بالعين وتُحسّه القلوب

الابتسامة ليست رفاهية، بل شكل من أشكال الحكمة الهادئة التي تغيّر مزاج اللحظة وتخفف ضجيج الحياة – في عالمٍ تتناسل فيه الضغوط، وتتكاثر فيه الوجوه المتجهمة، تظلّ الابتسامة فعلًا بسيطًا لكنه أعمق من كلّ الشعارات.
ليست مجرّد تعبير عابر، بل رسالة إنسانية تختصر في ملامحها معنى السلام الداخلي.
الابتسامة – كما يقول الحكماء – لا تُشترى ولا تُفرض، لكنها تُزرع في الروح أولًا، ثم تُثمر على الوجه نورًا لا يُطفأ.
فهي لغة لا تحتاج إلى ترجمة، ومفتاح يفتح أبواب النفوس المغلقة.
من يبتسم، لا يجمّل مظهره فقط، بل يعلن أن الخير ما زال ممكنًا، وأن الجمال لا يزال يقاوم قسوة الأيام.
في زمن تتسارع فيه الأحداث وتضيق فيه الأرواح، يصبح الابتسام فعلًا من أفعال المقاومة الهادئة.
حين تبتسم لمن حولك، فأنت لا تنكر وجعك، بل تختار أن تكون ضوءًا بدلًا من أن تكون ظلًا.
وحين تجعل الآخرين يبتسمون بفضلك، فأنت تمارس أسمى درجات الأخلاق، لأن جمال الروح أن تبتسم، وجمال الخُلق أن تجعل غيرك يبتسم.
الابتسامة لا تحتاج إلى منصب ولا إلى مال، بل إلى قلبٍ طيبٍ متصالحٍ مع ذاته – هي تشبه السلام، فإذا رأيتها شعرت بأن شيئًا في داخلك هدأ، وبأن العالم – رغم كل شيء – لا يزال يحتمل الودّ.
وفي بيئات العمل، تكتسب الابتسامة قيمة قيادية لا تقل أثرًا عن القرار ذاته؛ فهي تُخفّف من حدة التوتر، وتبني الجسور بين القائد وفريقه، وتمنح بيئة العمل روحًا من الانسجام والإنسانية.
القائد الذي يبتسم لا يفقد هيبته، بل يزيد احترامه، لأن الابتسامة لا تُضعف الموقف، بل تقوّيه بالحكمة والودّ.
إننا بحاجة اليوم إلى إعادة الاعتبار للابتسامة بوصفها قيمة إنسانية ومهنية معًا، ورسالة سلام نمارسها قبل أن نقولها.
فابتسامتك قد لا تغيّر العالم،
لكنها بالتأكيد تغيّر نظرة العالم إليك.
اكتشاف المزيد من عين الإخبارية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.