التعدين بالمملكة : تحقيق التوازن بين استغلال الموارد والالتزام البيئي

في ظل رحلة التحوُّل والتطور التي يشهدها قطاع التعدين السعودي؛ لتعزيز أثره المباشر في مسيرة التنوع الاقتصادي، تسعى المملكة إلى تحقيق التوازن بين الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والالتزام بأعلى معايير المسؤولية البيئية، نحو مستقبل تعديني مستدام، يرسّخ مكانتها مركزًا عالميًا للتعدين والمعادن.
وتقود وزارة الصناعة والثروة المعدنية حزمة من المبادرات للمحافظة على البيئة في قطاع التعدين، وتمكين ممارسات التعدين المسؤول في مختلف مراحل سلسلة القيمة التعدينية، وتركز تلك المبادرات على تعزيز الاستدامة البيئية في المشروعات التعدينية، والحفاظ على الموارد المائية، وتنمية الغطاء النباتي، وخفض الانبعاثات؛ لضمان استدامة عمليات التعدين.
وتعد إعادة تأهيل المواقع التعدينية ركيزة أساسية في استراتيجية الوزارة لدعم التعدين الأخضر، ومن أبرز نماذجها مبادرة شركة “معادن”، التي انطلقت عام 2013 في محيط منجم الجلاميد للفوسفات، واستهدفت استصلاح الأراضي التعدينية وزراعة الأشجار الأصلية المتلائمة مع الظروف المناخية المحلية، وأثمرت المبادرة عن إنشاء محمية طبيعية تضم أكثر من ثلاثة ملايين شجرة، تُشكل غطاءً نباتيًّا يحمي التربة من التعرية، يوفر مصدرًا غذائيًّا يدعم الحياة الفطرية.
كما تسعى شركة “معادن” إلى دمج الطاقة المتجددة ضمن عملياتها، مع تطوير محطة طاقة شمسية بقدرة 6 ميجاواط لتغذية منجم الذهب في منصورة ومسرة، في خطوة طموحة تعزز تنويع مزيج الطاقة وتقليل البصمة الكربونية لعمليات التعدين.
وعلى صعيد خفض الانبعاثات الكربونية؛ تستهدف الوزارة تطبيق تقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS) في مواقع مختارة، وتبرز محطة “وعد الشمال” للطاقة بوصفها نموذجًا يجمع بين نظام الدورة المركبة الشمسية المتكاملة (ISCC) وتقنيات توليد عالية الكفاءة تعمل بالغاز، مما يسهم مباشرة في تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ويدعم مستهدفات المملكة المناخية.
وبالنظر إلى محدودية الموارد المائية يعد إعادة استخدام المياه المعالجة في العمليات التعدينية أولوية مهمة فقد نُفذت بنية تحتية لنقل المياه المعالجة عبر خط أنابيب يمتد نحو 450 كيلومترًا من محافظة الطائف إلى منجمي الدويحي ومنصورة ومسرة، بما يرفع كفاءة استهلاك المياه في استخراج ومعالجة المعادن.
وأُنشئت شبكة إمداد مماثلة لتزويد مدينة “وعد الشمال” الصناعية بنحو 12 مليون متر مكعب سنويًّا من المياه المعالجة، مدعومة بخطوط أنابيب وخزانات بسعة إجمالية تصل إلى 825 ألف مترٍ مكعبٍ.
وتُعد زيادة المساحات الخضراء في المجمعات التعدينية والمناطق المحيطة بها خطوة ضرورية لتعزيز الاستدامة البيئية، وقد أشرفت الوزارة على تنفيذ عدة مشروعات للتشجير منها زراعة ما يقارب 130 ألف شجرة في المجمعات التعدينية، تشمل 30 ألفًا في مجمع العرمة و100 ألفٍ في مجمع الصمان؛ مما يحسن جودة المناخ في تلك المجمعات، ويدعم الاستدامة البيئية.
وفي جانب الحوكمة البيئية، تركز الوزارة على متابعة الالتزام البيئي في مشروعات التعدين لحماية البيئة والموارد الطبيعية، ويُعد نظام الاستثمار التعديني الإطار القانوني الرئيس لتنظيم القطاع، ويتضمن عقوبات مشددة على التعدين غير المرخص بما يمنع الاستنزاف العشوائي للرواسب المعدنية، ويحد من التدهور البيئي الناجم عن الممارسات غير النظامية.
وتجسّد هذه المبادرات المتكاملة التزام الوزارة بتعزيز الاستدامة البيئية في قطاع التعدين، لتصبح المملكة نموذجًا عالميًّا يحتذى به في الالتزام بمعايير المسؤولية البيئية، وتبنِّي ممارسات التعدين المسؤول.
اكتشاف المزيد من عين الإخبارية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.