” حضوري ” … بين التنظيم والواقع التربوي

في إطار سعي وزارة التعليم لمواكبة رؤية المملكة 2030، أطلقت برنامج “حضوري” لمتابعة الحضور والانصراف إلكترونيًا، تعزيزًا للانضباط والتحول الرقمي. والفكرة في جوهرها إيجابية، لكنها عند التطبيق الميداني كشفت عن تحديات تستحق المعالجة الجادة.

إيجابيات البرنامج

* يعزز ثقافة الانضباط ويحدّ من التسيب.
* يدعم التحول الرقمي ويُسهّل التوثيق الإداري.
* يحمي حقوق المعلم عبر إثبات الحضور إلكترونيًا.

هذه مزايا مهمة، لكنها لا تكفي للحكم على نجاح التجربة دون النظر في واقع الميدان التربوي.

أبرز التحديات

* ضعف البنية التقنية: في المدارس الجبلية أو النائية يصعب استخدام التطبيق لغياب شبكات الاتصال.
* توقيت الانصراف: لا مبرر لبقاء المعلم حتى الثانية ظهرًا بعد انتهاء الجدول عند 12:30 دون مهام محددة، مما يهدر الوقت بلا فائدة.
* إشكالية الثقة : كيف يُطلب من المعلم الانضباط المفرط بينما يُستأمن على أبناء الوطن ؟ ضعف الثقة قد يولّد استياءً ويُضعف الدافعية.
* خصوصية التعليم: لا يجوز مساواة المعلم بموظف إداري، فعمله يتعامل مع عقول ونفوس لا ملفات جامدة.

البعد التربوي والمهني

المعلم ليس موظفًا عاديًا، بل صاحب رسالة، يُقاس عطاؤه بتأثيره التربوي والعلمي لا بعدد دقائق الحضور. التركيز على “الانصراف” دون “الأداء” يهمّش جوهر العملية التعليمية.

مقترحات تطويرية

١- التدرج في التطبيق : تجربة البرنامج أولًا في إدارات مختارة لاكتشاف الثغرات.
٢- المرونة التقنية : استثناء المدارس التي تفتقر إلى الشبكات أو إيجاد بدائل مناسبة.
٣- إعادة تنظيم الانصراف : ربط بقاء المعلم بأنشطة فعلية أو تدريب مهني حقيقي.
٤- تعزيز الثقة: بناء العلاقة بين الوزارة والميدان على الثقة المتبادلة لا الرقابة وحدها.

الخلاصة

برنامج “حضوري” مبادرة تنظيمية جيدة في فكرتها، لكنها تحتاج إلى مراجعة أكثر واقعية. فالتعليم ميدان للرسالة قبل الرقابة، ويتطلب موازنة بين الانضباط والثقة، وبين التنظيم والتقدير – وحتى يحقق البرنامج أهدافه الحقيقية، يجب أن يكون وسيلة لتطوير الميدان التربوي لا عبئًا يثقل كاهله


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى