عبدالعزيز الذي حمل الصحراء في عينيه والتاريخ على كتفيه

كانت …
كأنها أطلالُ ذاكرة،
كأنها وجعٌ منسيٌّ على هامش التاريخ.
صحراء تنوحها الرياح ..
تحتضنها السماء،
وتخذلها الأرض.

موحشةٌ كانت…
مهيبةٌ في صمتها،
مخيفةٌ في جمودها.
عطشى لماء،

جوعى لكسرة حلم،
عارية إلا من رمل،
جاهلةٌ إلا من فطرةٍ مشدودةٍ للسماء،

أميّةٌ لا تقرأ ولا تكتب…
وقد كانت يومًا منارةَ الحرف،
وروضَ الفقه،
ومبتدأ النور.

هجروها أهلُها…
لا فرارًا من انتماء،
بل بحثًا عن لقمة،
عن حياةٍ تتّسع لأحلامٍ ضاقت بها المهاجع.

تهاوت فيها السنون،
وتراكضت فوقها القرون،
فلم يبقَ إلا عزيفُ الجان،
وأساطيرُ العتمة،
وسمْرُ الخرافة على جمر الوحدة.

لكن…
لله الأمر من قبل ومن بعد.
فالله لا يترك أرضًا وُلدت منها الرسالة،
ولا ينسى موطنًا بارك فيه وحيُ السماء.

وفي ساعةٍ كتبها الغيب،
هيأ لها الله رجلاً…
ليس ككل الرجال.

رجلٌ خرج من رحمها،
من برد لياليها،
ومن نُدرة زادها،
رجلٌ اسمه عبدالعزيز…

حمل الصحراء في عينيه،
وحمل التاريخ على كتفيه،
ومضى…
يسير وفي قلبه يقين،
وفي يده قبسٌ من نور.

لم يأتِ فاتحًا بالسيف،
بل موحِّدًا بالكلمة،
وبالحلم،
وبعزم لا يُكسر.

جمع القبائل بعد شتات ..
ورأب الصدع،
وغرس في الرمال جذور دولة،
وفي القلوب معنى الوطن.

فإذا بالجزيرة…
تنفض غبار الهزيمة،
وتنهض من سباتها،
وتنبتُ من يبسها حضارة،
ويخضرّ في جنباتها الأمل.

فارتفع الأذان في أركانها،
وانسكب العلم في مدارسها،
وتفتحت شرايينها بالناس…
أبناءٌ عادوا،
وذكرياتٌ عادت،
وكرامةٌ وُلِدت من جديد.

تلك هي الحكاية…
حكاية جزيرةٍ عانقت الموت،
ثم عادت للحياة على يد ابنها،
عبدالعزيز…

صقر الجزيرة،
ومؤسس المجد،
وقائد التحوّل العظيم.

بقلم الأستاذ : غندور السهيمي


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى