حين يحكي الوادي سرّ الأجداد ..

قال الله تعالى: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ [البقرة: 195].

* الوعي أول سطر في الوقاية .

السيول إذا فاضت لا يوقفها حاجز، وإذا جرت في الوادي لا يردها بناء. إنها تأتي فجأة وتترك خلفها خسائر لا تُعوض في الأرواح والممتلكات. لذلك تبدأ الوقاية من الوعي بالخطر، وعدم الاستهانة بقوة المياه الجارفة، والالتزام بتعليمات الجهات الرسمية التي تُصدر وقت الأزمات.

* أين نبني؟ درس من الأجداد .

أجدادنا – رحمهم الله – رغم بساطة حياتهم وغياب الجهات الرسمية، امتلكوا حكمة راسخة وتجربة طويلة. فاختاروا المرتفعات لبناء منازلهم، وابتعدوا عن بطون الأودية والمزارع، مدركين أن السيول لها مجاريها التي لا تضيق إلا أنها تتسع بفعل الزمن. كانوا يدركون أن الاستهانة بمسار السيل هلاك، فبنوا حيث الأمان وتركوا مواطن الخطر.

* مسؤولية اليوم مضاعفة

مع توفر الإمكانات الحديثة، أصبحت مسؤوليتنا أكبر حيث يجب علينا الاتي :-
– عدم البناء أو التوسع في أطراف الأودية والأماكن المنخفضة.
– التعاون مع الجهات المختصة التي تحدد مواطن الخطر وتمنع التعديات.
– تجهيز المنازل والمزارع بوسائل تصريف مناسبة للمياه.
– الالتزام الصارم بتعليمات السلامة وعدم عبور الأودية أثناء الأمطار مهما بدت المياه قليلة.

ولنا في الحوادث القريبة أمثلة مؤلمة؛ كم من أسر فقدت مساكنها لأنها توسعت في مجرى سيل ظنته خاملاً، فإذا به يجري ذات ليلة فيجرف كل ما في طريقه.

* دور الدولة والمشاريع الحديثة

لقد أدركت الدولة مبكرًا خطورة السيول، فأنشأت مشاريع تصريف عالية الجودة في المدن، وعملت على حماية الأحياء من أخطارها. لكن هذه الجهود مهما بلغت تبقى ناقصة إن لم يلتزم المواطن بعدم التعدي على مجاري السيول، أو البناء في المواقع التي حذرت منها الجهات المختصة. فالدولة تبني، والمواطن يحمي، والمجتمع كله شريك في السلامة.

* بين الماضي والحاضر

بين وعي الأجداد وتجهيزات الحاضر، تظل الحماية الحقيقية مرهونة بحسن الاختيار والتزام الإنسان. فالمخاطر لا تمنعها الأعذار ولا العاطفة، وإنما يقيها العقل الواعي والتخطيط السليم.

* الخاتمة : نداء حياة

السلامة لا تُشترى بعد الكارثة، بل تُبنى قبل وقوعها. فلنكن جميعًا شركاء في حماية أنفسنا وأهلنا ومجتمعنا، فالحياة أمانة والسيول لا ترحم من يستهين بها. ولنطبّق قول الله تعالى: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾، فنحيا بوعيٍ وأمان .


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى