حين يتحول ” الترند ” إلى عقل جماعي

في عصرٍ تتسارع فيه الأحداث وتتشابك فيه الاهتمامات، لم تعد العقول تُشكّل الرأي، بل أصبح الرأي يُفرض علينا عبر ما يُعرف بـ”الترند”.

هذا المصطلح الذي كان يُعبّر يومًا عن مجرد مؤشر للموضوعات الشائعة، تحوّل إلى قوة ناعمة تُملي علينا ما نفكّر فيه، ومتى، وكيف.

 هل نحن فعلاً من نختار المواضيع التي تستحق التفاعل؟ أم أننا أصبحنا مجرد جمهور مدفوع بخوارزميات ذكية  ترسم له جدول اهتماماته دون وعي منه؟

* ” الترند ” لا يعني الحقيقة

في منصات التواصل، قد يتصدر “ ترند ” قائمة الاهتمامات، فقط لأنه مثير للجدل، أو تم ضخه عبر حسابات كبرى أو وسائل دعائية بينما تُغيب مواضيع جوهرية تمسّ المجتمع، وتؤثر في مستقبله، لأنها لا تستهوي العناوين الصاخبة، ولا تخدم منطق “الترفيه الإعلامي”.

مثال واقعي ؟

في بعض الأيام، يتصدّر وسم عن خلاف بين مشاهير، بينما تُنشر تقارير عن ارتفاع البطالة أو تراجع مستوى التحصيل الدراسي دون أدنى تفاعل يُذكر .. هنا، من يقود من ؟
الوعي الجمعي؟ أم المحتوى الموجّه؟

* منبر مفتوح… لكن من يملك الميكروفون ؟

لم يعد الإعلام حكرًا على المؤسسات، بل أصبح كل جهاز محمول منبرًا.

لكن السؤال الأهم :

هل كل من يملك منبرًا، يملك الوعي ؟
هنا تكمن الخطورة… حين يتضخم صوت “ اللاشيء ” ويُغرق الرسائل الهادفة في بحرٍ من الضوضاء والسطحية.

 مسؤوليتنا كجمهور واعٍ

الترند ليس عدوًا، بل أداة ، لكن ما يُحدد قيمته هو مدى وعينا بما يُعرض علينا . وهنا يجب ألا نسمح للضجيج بأن يُغطي على الجوهر، ولا للسائد أن يُقصي الصادق والعميق – علينا أن نتساءل كل مرة نشارك فيها أو نُعيد تغريدة : هل هذا يستحق فعلاً ؟ هل أُسهم في بناء وعي، أم في تضخيم وهم؟

 خاتمة 

الوعي لا يُباع ولا يُورّث
المعركة اليوم ليست حول المعلومة، بل حول النية التي تُسوقها، والوعي الذي يستقبلها ، فلسنا بحاجة لمزيد من “الترندات”، بل لمزيد من العقول التي تُفكّر، لا تُكرّر وإن مسؤوليتنا لا تقف عند المشاهدة، بل تبدأ منها. فإما أن نكون واعين في تفكيرنا، أو أسرى لما يُعرض علينا.


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى