قرماء : حكاية وادي صنع الحياة شمال المظيلف .. تقرير

حيثما وجد الماء وجدت الحياة، وحين يقر الماء تبشر الأرض بالزرع والنماء، فتنبثق الهجر، وتؤسس القرى، وتنهض المدن. وهكذا كان وادي قرماء شمال مركز المظيلف بمحافظة القنفذة، واديا تحول عبر الزمن إلى منطقة زراعية خصبة نابضة بالخيرات.

قرى الوادي والزراعة

يقول عبدالله الزبيدي، أحد أبناء القرى الواقعة على ضفاف الوادي، إن طول وادي قرماء يقترب من 80 كيلومترا، وإنه يعد من أكبر الأودية المأهولة بالسكان، إذ تنتظم القرى حوله كحبات العقد في الخيط.

ويضيف الزبيدي أن الطبيعة الرملية للوادي وخصوبته العالية أسهمتا في ازدهار الزراعة، خاصة زراعة القطن في مواسم الأمطار والسيول، مما أدى إلى نشوء تجمعات سكانية اعتمدت على خيرات الوادي من المحاصيل المتنوعة : الذرة، والدخن  والحبة الحمراء، والقمح، والسمسم، والحبحب، إضافة إلى القطن الذي كان رمزا لمردود اقتصادي كبير في الماضي.

أما أشهر القرى التي يمر بها الوادي فهي: العواصية، البقاقير، الحدبة، الهبيرة، الكندوف، الزاهرية، القشعة، الرفدة، إضافة إلى الرتبة التي غادرها أهلها لاحقا واستقروا في مدينة المظيلف جنوب الوادي.

تسمية الوادي

ويروي الزبيدي قصة متداولة عن سبب التسمية، مفادها أنه قبل زمن بعيد هطلت أمطار غزيرة سالت إثرها السيول أياما حتى استقر الماء في الوادي – ويقال إن رجلا كبيرا في السن كان يقف على مرتفع مطل على المكان، ولما شاهد السيول وقد هدأت قال: “قر الماء”، أي سكن واستقر – ومع مرور الزمن اندمجت الكلمتان، فتكون الاسم : قرماء… الماء… حياة مستمرة

ويشير محمد الزبيدي، أحد سكان القرى المحاذية للوادي، إلى أهمية الوادي كمصدر للمياه العذبة، مؤكدا أن معظم المزارع تعتمد على المياه الجوفية، وتحتوي على مجموعة من الآبار التي يعتمد عليها أهالي المظيلف في توفير المياه للمنازل وغيرها – ويذكر أن تجارة الماء أصبحت رائجة، إذ يقوم أصحاب الصهاريج بالتعبئة من هذه الآبار ثم نقلها للمنازل مقابل مبالغ مالية.

الزراعة… ذاكرة لا تُنسى

بدوره قال  العم سعيد الزبيدي 70 عاماً  لـ ” عين ” الإخبارية وبنبرة حزينة عن الزمن الماضي :  إن كل أنواع الحبوب كانت تزرع في هذا الوادي، إلى جانب القطن الذي كان المزارعون حريصون على زراعته لما يدره من فائدة مالية كبيرة بعد حصاده وبيعه في الأسواق، أو شحنه إلى مدينة جدة حيث يلقى طلبا ورواجاً واسعا هناك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى