من يحاسب مناديب التوصيل على تقصيرهم ؟

في ظل ازدهار التجارة الإلكترونية وتزايد الاعتماد على خدمات التوصيل، أصبح مناديب التوصيل جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس اليومية، غير أن الواقع يكشف عن اختلالات تستوجب التوقف عندها.

فالمستهلك يدفع مقابل خدمة يفترض أن تكون سريعة ودقيقة وآمنة، لكنه كثيرًا ما يواجه واقعًا مختلفًا تمامًا من تأخير، إهمال، وتهاون يصل إلى حد الاستهتار. والأدهى أن المندوب، المفترض به تقديم هذه الخدمة، أصبح هو المتحكم في وقت العميل وجودة الخدمة، وأحيانًا في مصير الشحنة نفسها.

ما يشهده قطاع التوصيل اليوم لم يعد مجرد تقصير فردي أو استثناء، بل بات ظاهرة تتطلب معالجة عاجلة. يستلم المناديب الطلبات في الصباح، ويؤخرون تسليمها حتى وقت متأخر من المساء، دون مراعاة طبيعة الشحنة، أو تأثير حرارة الجو، أو حتى حقوق المستلم الذي ينتظر طلبه بثقة، ليصل متأخرًا، أو متضررًا، أو غير صالح للاستخدام.

الأمر يتفاقم عندما يحدد المندوب وقتًا للتسليم – غالبًا بين ساعات معينة – ويُلزم العميل بالانتظار في منزله  مضطرًا لتأجيل مواعيد هامة أو التغيب عن مناسبات، احترامًا لهذا الموعد الذي يختاره المندوب. وبعد انتظار طويل، قد لا يظهر المندوب في الوقت المحدد، أو يتصل متأخرًا بلا اعتذار، متجاهلًا قيمة وقت العميل.

ليس الأمر مجرد تأخير، بل هو إهمال حقيقي لما تحويه الشحنات من مستحضرات، عطور، أدوية، ومواد غذائية حساسة للحرارة، تُترك لساعات تحت أشعة الشمس داخل مركبات لا توفر أبسط وسائل الحفظ، فتصل تالفة أو مفسدة، دون أي رقابة أو نظام صارم يضمن الاحترافية، بل مجرد تسليم إلكتروني بلا ضمير ولا احترام للأمانة المهنية.

استمرار هذا الوضع لا يؤثر فقط على سمعة شركات التوصيل، بل يضر بمصداقية المنصات التي تعتمد عليها، ويكشف عن ضعف كبير في التنظيم والمحاسبة. ما نحتاجه هو نظام صارم يلزم المندوب بالانضباط، ويراعي خصوصية الشحنات، ويضع حدًا لهذه الفوضى التي يتحمل المستهلك وحده عواقبها.

التوصيل مهنة، لا مهمة عابرة. ومن يحمل الطرد يحمل أمانة لا يجوز التهاون بها. ويقع على شركات الشحن مسؤولية تدريب المناديب على التعامل مع الشحنات الحساسة، كالأدوية وغيرها، فالإهمال فيها ليس خطأً بسيطًا، بل خطر لا يُغتفر،

خاتمة 

ما ورد هنا ليس مجرد سرد أو مبالغة، بل واقع مررتُ به شخصيًا؛ انتظرت طويلًا، أجّلت مواعيدي، وتضررت من التأخير والإهمال. هذه تجربة لا أود أن تتكرر، لا لي ولا لغيري ممن يثقون في خدمة يفترض أن تكون في خدمتهم، لا عبئًا عليهم،


اكتشاف المزيد من عين الإخبارية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى