الهشاشة كقوة خفية

كثيرًا ما نُربّى على أن القوة تعني الصلابة، وأن البكاء انكسار، وأن الاعتراف بالعجز علامة ضعف – لكن الحقيقة أن لحظات ضعفنا هي التي تكشف أعظم ما فينا من إنسانية – فالهشاشة ليست سقوطًا، بل عمقًا يجعلنا أكثر صدقًا مع أنفسنا وأكثر قربًا من الآخرين.
حين تذرف دمعة صادقة، فأنت تعلن أنك ما زلت قادرًا على الشعور، وأن قلبك لم يتحول إلى حجر – وحين تقول “ لا أستطيع” فأنت لا تهزم نفسك، بل تمنحها فرصة للتعلم والنهوض ، الدموع ليست ماءً يذبل به القلب، بل مطرًا يغسل الداخل ويهيئه لربيع جديد.
القوة الحقيقية لا تكمن في إنكار الألم، بل في مواجهته – أن تعترف أنك لست بخير هو شجاعة، وأن تسمح لنفسك بالانحناء أمام العاصفة هو ما يجعلك قادرًا على الوقوف بعدها أكثر صلابة ، فالأشجار التي تعرف كيف تنحني هي التي تبقى واقفة بعد أن تهدأ الريح.
الهشاشة، إذن، ليست نقيض القوة، بل صورتها الأعمق – إنها التي تمنحنا المرونة لنغفر، ونغيّر، ونواصل ومن لا يعرف الهشاشة يعيش متماسكًا في الظاهر، لكنه هشّ حقًا لأنه لم يجرؤ أن يعلن ضعفه ويحتويه.
إننا نثبت إنسانيتنا لا حين نبدو كاملين، بل حين نتصدع قليلًا، ونجرؤ أن نقول ببساطة : أنا بشر ..


